ضمانات تكريس قضاء وطني عادل للفصل في منازعات الاستثمار

محمد بودة

قسم القانون العام - كلية الحقوق والعلوم السياسية - جامعة محمد بن أحمد - وهران 2 - الجزائر

الملخص

أولا: موضوع الورقة البحثية وفرضياتها وإشكاليتها البحثية: يتناول البحث دراسة مسألة أولوية اختصاص القضاء الوطني الرسمي للبث في منازعات الاستثمار بالتطرق إلى إشكالية دور القضاء الوطني لكونه ضامن حقيقي في مواجهة آليات حل الخلاف البديلة التوافقية والودية بالتقصي عن أهم العوامل التي تعيد للقضاء الوطني مصداقيته في الدفاع عن المصالح الوطنية وحقوق الأطراف المتنازعة باعتباره يمكن أن يكون سبيلا من سبل تحفيز الاستثمار وليس العكس، بمعنى السعي لإيجاد مرتكزات ذات طبيعة قانونية وقضائية محل تلك الاعتبارات السياسية الظرفية والآنية. كما نبحث عن أهم العوائق التي تشكك في قدرة القضاء الوطني بما يحمله من حيادية وموضوعية للفصل في منازعات الاستثمار المعروضة عليه. تسليط الضوء على مكانة القضاء الوطني والحواجز التي تحول دون أن يكون له دور في الحياة الاقتصادية بالتوسع المتمادي في التنازل عن توظيف قضاء وطني سيادي لصالح شروط الأقطاب الاستثمارية الغربية، ولأن ممارسة سلطة القضاء صاحب الاختصاص الأصيل من أهم مظاهر سيادة الدولة كان من الضروري الحد من حالة التنازل إلى حد حلحلة سلطة قضاء الدولة للفصل في منازعات الأشخاص سواء كانوا وطنيين أو أجانب، كما في منازعات الأموال سواء عقارية أو منقولة . دراسة تتناول ضرورة الموازنة بين كل من حتمية حماية الاستثمار الوطني والأجنبي وحقوق المستثمرين سواء وطنيين أو أجانب في البلد ، وكذا حتمية أخرى لا تقل أهمية تتمثل في ضرورة الدفاع عن الاقتصاد الوطني ومكتسباته ، وهذا قد يتحقق بالانتقال من العدالة الاتفاقية أو التوافقية إلى عدالة وطنية رسمية محل ثقة لأنها تستند إلى قوانين منصفة ويمتثل لها الجميع. قضاء قد يكون له دور واسع في الدفاع عن المصالح الوطنية الاقتصادية وفي تلبية المتطلبات الاجتماعية في إطار السياسات الوطنية التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة. لهذا تتمحور الإشكالية الأساسية: - ماهو الإطار القانوني المناسب لتكريس قضاء عادل لتسوية منازعات الاستثمار؟ إشكالية نأتي إلى توضيحها بطرح جملة تساؤلات فرعية على النحو التالي: -ماهي مكانة القضاء الوطني وضوابطه لحل نزاعات الاستثمار والدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية؟ -ماهي الحلول المتبعة لإرساء دعائم قضاء وطني منصف وعادل ويكون على اطلاع بالقواعد القائمة في ظل الاتفاقيات الدولية لحماية الاستثمار وحماية حقوق الأفراد المادية؟ -ماهي الأسباب التي تقف خلف الاستعانة بطرق فض المنازعات البديلة محل القضاء الوطني؟ -ما موقف القضاء الوطني المقارن من مسألة التنازع الاستثماري؟ -ماهي التزامات الدولة في اقرار استقرار تشريعي وقضائي منصف بقصد استقطاب الاستثمار الأجنبي والضمانات الواجب توفيرها لأجل ذلك؟ ثانيا: أهمية الورقة البحثية وأهدافها: أثبت أرقام الهيئات الاقتصادية الدولية بأن النظم القانونية التي تحضى بوجود قضاء مستقل استطاعت أن تكون ملاذا للرأس-المال الاستثماري، كما أظهرت التجارب أن حماية الاقتصادات الوطنية يقتضي وجود جهاز قضائي وطني كفئ وقادر على إنصاف أطراف النزاع الاستثماري، بهذا كانت عملية اختيار الموضوع بتلك الأهمية والخصوصية التي ترصد وضع قواعد وحلول لنظام قضائي يمتثل للضوابط القانونية، وبإمكانه بالتالي كسب ثقة المستثمر الأجنبي. إن من ضمن الأهداف المتوخاة من وراء هذه الدراسة عرض حالة القضاء الرسمي في مواجهة منازعات الاستثمار أمام حالة انعدام الاستقرار التشريعي جراء ضغط أرباب المال والأعمال من المستثمرين، لهذا كان من الضروري البحث عن الحلول ووضع علاج لمعضلة تواري القضاء الرسمي عن البث في المنازعات الاستثمارية، وضع لا يتأتى إلا بمقتضى الاستعانة بتجارب النظم القانونية التي فرض فيها القضاء الرسمي مكانته. ثالثا: المنهج البحثي والطرح النظري المقترح: إن دراسة إشكالية تعدد آليات فض المنازعات في النظام القانوني قد يفضي الى تحجيم مكانة ودور القضاء الرسمي من تأدية دوره كاملا في الدفاع عن حقوق فئة من الأفراد والهيئات المستثمرة، نفس المسألة تتطلب الاستعانة بالأدوات النظرية وبمنهج بحثي تحليلي ونقذي في آن واحد بكيفية يتوافق مع طبيعة المقاربة القانونية والاقتصادية بتحليل القواعد المعتمدة والممارسات السائدة في التقصي عن حالة النصوص الصادرة في مجال تنظيم وضبط قواعد قطاع الاستثمار. لكن الدراسة لا تحقق الغرض منها بطرح الحلول الناجعة وتدليل الصعاب إلا بمقتضى الاستعانة كذلك بالمنهج المقارن، ذلك أن المنهج المقارن يقدم لنا في البعد المكاني وسائل معرفة موازية لتلك التي تمدنا بها باقي المناهج ويساعد على إعطاء نوع من التجربة غير المباشرة التي تكون غالبا جد ثمينة، وهذا عند رصد القواعد بمواصفاتها في إرساء قضاء مستقل يطمأن أطراف العملية الاستثمارية ويدفع الى ضرورة تطوير النصوص القانونية وإصلاح العدالة لتتوافق مع ضرورة استقطاب الاستثمار والحد من المديونية المتفشية. كل هذا يقتضي أن نستثمر في قطاع العدالة بتثبيت استقلالية القضاء ورفع مستوى البنية التحتية للهيئات القضائية وتأهيل القضاة المتخصصين في قضايا الاستثمار.

الكلمات الدالة

اختصاص القضاء، الولاية القضائية، النزاعات، الاستثمار الأجنبي، الوسائل البديلة، المستثمر